وذم السؤال من غير ضرورة قَالَ الله تَعَالَى : ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ في الأرْضِ إلا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا ﴾ [ هود (6) ] . أي : هو المتكفل بأرزاق المخلوقات في البر والبحر . قال مجاهد : ما جاءها من رزق فمن الله عزَّ وجلّ .وقال تَعَالَى : ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا في سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إلْحَافاً ﴾ [ البقرة (273) ] . أي : الأَوْلى بالصدقات الفقراء المقيمون على طاعة الله ، المتعففون عن السؤال . قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : استغن عمن شئت تكن نَظِيرَهُ ، وأفضِل على من شئت تكن أميرَه ، واحتج إلى من شئت تكن أسيره .وقال تَعَالَى : ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ﴾ [ الفرقان (67) ] . أي : الإنفاق بين الإسراف والإقتار هو القوام الذي تقوم به معيشة الإنسان بحسب حاله ، وخير الأمور أوساطها .وقال تَعَالَى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ﴾ [ الذاريات (56 ، 57) ] . أي : ما خلق الله الجن والإنس إلا لأجل عبادته وحده ، لا شريك له ، وليس محتاجًا إليهم كما يحتاج السادة إلى عبيدهم ، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء ، ومن عصاه عذَّبه أشد العذاب . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالَ رسول الله : « قال الله تعالى : يَا ابن آدم ، تفرَّغ لعبادتي أملأ صدرك غنًى ، وأسدّ فقرك ، وإلا تفعل ، ملأتُ صدرك شغلاً ، ولم أسد فقرك » . رواه أحمد . وفي بعض الكتب الإلهية : ابن آدم خلقتك لعبادتي ، فلا تلعب ، وتكفَّلت برزقك فلا تتعب ، فاطلبني تجدني ، فإن وجدتني وجدت كل خير ، وإنْ فتّك فاتك كل خير ، وأنا أحب إليك من كل شيء » .وَأَمَّا الأحاديث ، فتقدم معظمها في البابينِ السابقينِ ، ومما لَمْ يتقدم :
Allah, the Exalted, says: [522] عن أَبي هريرة عن النبي قَالَ : « لَيْسَ الغِنَى عَن كَثرَةِ العَرَض ، وَلكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ » . متفقٌ عَلَيْهِ .« العَرَضُ » بفتح العين والراءِ : هُوَ المَالُ . أي : ليس حقيقة الغنى كثرة المال مع الحرص ، وإنما الغني من استغنى بما آتاه الله ، وقنع به ، وإنما كان الممدوح غنى النفس ، لأنها حينئذٍ تكفّ عن بث المطامع فتعز . وقال الشاعر : ومن ينفق الساعاتِ في جمع ماله مخافة فقر فالذي فعل الفقر وقال بعض العارفين : رضينا بقسمة الجبار فينالنا علم وللجهل مالُفإن المال يفنى عن قريبوإن العلم كنز لا يزال
522. Abu Hurairah (May Allah be pleased with him) reported: The Prophet (PBUH) said, "Richness is not the abundance of wealth, rather it is self-sufficiency." [523] وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله قَالَ : « قَدْ أفْلَحَ مَنْ أسْلَمَ ، وَرُزِقَ كَفَافاً ، وقَنَّعَهُ الله بِمَا آتَاهُ » . رواه مسلم . الكفاف : ما كف عن السؤال مع القناعة . وفي الحديث : شرف هذه الحال على الفقر المسهي ، والغنى المطغي .
523. 'Abdullah bin 'Amr bin Al-as (May Allah be pleased with them) reported: the Messenger of Allah (PBUH) said, "Successful is the one who has entered the fold of Islam and is provided with sustenance which is sufficient for his needs, and Allah makes him content with what He has bestowed upon him.". [524] وعن حكيم بن حزام قَالَ : سألتُ رسول الله فَأعْطَانِي ، ثُمَّ سَألْتُهُ فَأَعْطَانِي ، ثُمَّ سَألْتُهُ فَأعْطَانِي ، ثُمَّ قَالَ : « يَا حَكِيم ، إنَّ هَذَا المَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ ، فَمَنْ أخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ، وَمَنْ أخَذَهُ بإشرافِ نَفسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأكُلُ وَلا يَشْبَعُ ، وَاليَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى » . قَالَ حكيم : فقلتُ : يَا رسول الله ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لا أرْزَأُ أحَداً بَعْدَكَ شَيْئاً حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ t يَدْعُو حَكيماً لِيُعْطِيَه العَطَاء ، فَيَأبَى أنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئاً ، ثُمَّ إنَّ عُمَرَ t دَعَاهُ لِيُعْطِيَه فَأَبَى أنْ يَقْبَلَهُ . فقالَ : يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ ، أُشْهِدُكُمْ عَلَى حَكيمٍ أنّي أعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَهُ اللهُ لَهُ في هَذَا الفَيء فَيَأبَى أنْ يَأخُذَهُ . فَلَمْ يَرْزَأْ حَكيمٌ أحَداً مِنَ النَّاسِ بَعْدَ النبي حَتَّى تُوُفِّي . متفقٌ عَلَيْهِ . « يَرْزَأُ » بِراءٍ ثُمَّ زايٍ ثُمَّ همزة ؛ أيْ : لَمْ يَأخُذْ مِنْ أحَدٍ شَيْئاً ، وَأصْلُ الرُّزءِ : النُّقْصَان ، أيْ : لَمْ يَنقُص أحَداً شَيْئاً بالأخذِ مِنْهُ ، وَ« إشْرَافُ النَّفْسِ » : تَطَلُّعُهَا وَطَمَعُهَا بالشَّيْء . وَ« سَخَاوَةُ النَّفْسِ » : هِيَ عَدَمُ الإشرَاف إِلَى الشَيء ، وَالطَّمَع فِيهِ ، وَالمُبَالاَةِ بِهِ وَالشَّرَهِ . قال الحافظ : إنما امتنع حكيم من أخذ العطاء ، مع أنه حقه ، لأنه خشي أن يقبل من أحد شيئًا ، فيعتاد الأخذ فيتجاوز به إلى ما لا يريده ففطمها عن ذلك وترك ما لا يريبه خوفَ ما يريبه .
524. Hakim bin Hizam (May Allah be pleased with him) reported: I begged Messenger of Allah (PBUH) and he gave me; I begged him again and he gave me. I begged him again and he gave me and said, "O Hakim, wealth is pleasant and sweet. He who acquires it with self-contentment, it becomes a source of blessing for him; but it is not blessed for him who seeks it out of greed. He is like one who goes on eating but his hunger is not satisfied. The upper hand is better than the lower one." I said to him, "O Messenger of Allah, by Him Who sent you with the Truth I will not, after you, ask anyone for anything till I leave this world." So Abu Bakr (May Allah be pleased with him) would summon Hakim (May Allah be pleased with him) to give his rations, but he would refuse. Then 'Umar (May Allah be pleased with him) would call him but he would decline to accept anything. So 'Umar (May Allah be pleased with him) said addressing Muslims: "O Muslims, I ask you to bear testimony that I offer Hakim his share of the booty that Allah has assigned for him but he refuses my offer." Thus Hakim did not accept anything from anyone after the death of Messenger of Allah (PBUH), till he died. [525] وعن أَبي بردة عن أَبي موسى الأشعري قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رسول الله في غَزاةٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ ، فَنقِبَت أقدَامُنَا وَنَقِبَت قَدَمِي ، وسَقَطت أظْفَاري ، فَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أرْجُلِنا الخِرَقَ ، فَسُمِّيَت غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِمَا كُنَّا نَعْصِبُ عَلَى أرْجُلِنَا مِنَ الخِرَقِ ، قَالَ أَبُو بُردَة : فَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا الحَدِيثِ ، ثُمَّ كَرِه ذَلِكَ ، وقال : مَا كُنْتُ أصْنَعُ بِأنْ أذْكُرَهُ ! قَالَ : كأنَّهُ كَرِهَ أنْ يَكُونَ شَيْئاً مِنْ عَمَلِهِ أفْشَاهُ . متفقٌ عَلَيْهِ . في هذا الحديث : ما كان فيه الصحابة رضي الله عنهم من الشدة والضيق ، فصبروا حتى كانت العقبى الطيبة لهم في الدنيا والآخرة . قال الله تعالى : ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [ السجدة (24) ] . وفيه : كراهية إفشاء العمل الصالح إلا إذا ترتب على ذلك مصلحة .
525. Abu Burdah (May Allah be pleased with him) reported: Abu Musa Al-Ash'ari (May Allah be pleased with him) said: "Six of us accompanied Messenger of Allah (PBUH) in an expedition. We had one camel with us; we rode it in turn. Our feet got injured and my nails also fell out. We wrapped up our feet in rags; and because of this the campaign came to be known as Dhat-ur-Riqa' (the Campaign of Rags)." Abu Burdah (May Allah be pleased with him) says: Abu Musa reported this Hadith but regretted having done so. He said, "Would that I had not mentioned it!" He said so because he disliked to disclose anything concerning his deeds. [526] وعن عمرو بن تَغْلِبَ - بفتح التاء المثناة فوق وإسكان الغين المعجمة وكسر اللام - أنَّ رسول الله أُتِي بِمالٍ أَوْ سَبْيٍ فَقَسَّمَهُ ، فَأعْطَى رِجَالاً ، وَتَرَكَ رِجَالاً ، فَبَلغَهُ أنَّ الَّذِينَ تَرَكَ عَتَبُوا ، فَحَمِدَ اللهَ ، ثُمَّ أثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : « أمَّا بعْدُ ، فَواللهِ إنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَأدَعُ الرَّجُلَ ، وَالَّذِي أدَعُ أحَبُّ إلَيَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي ، وَلَكِنِّي إنَّمَا أُعْطِي أقْوَاماً لِمَا أرَى في قُلُوبِهِمْ مِنَ الجَزَعِ وَالهَلَعِ ، وَأكِلُ أقْوَاماً إِلَى مَا جَعَلَ اللهُ في قُلُوبِهم مِنَ الغِنَى وَالخَيْرِ ، مِنْهُمْ عَمْرُو بنُ تَغْلِبَ » قَالَ عَمْرُو بنُ تَغْلِبَ : فَوَاللهِ مَا أُحِبُّ أنَّ لِي بِكَلِمَةِ رسول الله حُمْرَ النَّعَم . رواه البخاري .« الهَلَعُ » : هُوَ أشَدُّ الجَزَعِ ، وقيل : الضَّجَرُ . في هذا الحديث : ائتلاف من يخشى جزعه ، أو يرجى بسبب إعطائه طاعة من يتبعه . وفيه : أن الرزق في الدنيا ليس على قدر درجة المرزوق في الآخرة . وفيه : أن الناس جُبلوا على حب العطاء ، وبغض المنع ، والإسراع إلى إنكار ذلك قبل الفكرة في عاقبته ، إلا من شاء الله . وفيه : أن المنع قد يكون خيرًا للمنوع ، كما قال تعالى : ﴿ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ [ البقرة (216) ] . وفيه : الاعتذار إلى من ظن ظنَّا والأمر بخلافه .
526. 'Amr bin Taghlib (May Allah be pleased with him) reported: Some booty or prisoners of war were brought to Messenger of Allah (PBUH) and he distributed them, giving some men and neglecting others. Then, he was informed that those whom he had not given a thing were displeased. On this the Messenger of Allah (PBUH) praised Allah and glorified Him and said, "It is a fact that I give to one and overlook another. The one I ignore is dearer to me than the one I give. I give to those in whose hearts I perceive anxiety; others I leave with the richness and contentment that Allah has put in their hearts. One of them is 'Amr bin Taghlib." Upon this 'Amr bin Taghlib said, "By Allah I shall not accept a herd of red camels in exchange for what the Prophet said (about me)." [527] وعن حكيم بن حزام أنَّ النبي قَالَ : « اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفُّهُ الله ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغنهِ الله » . متفقٌ عَلَيْهِ .وهذا لفظ البخاري ، ولفظ مسلم أخصر . اليد العليا : المنفقة ؛ والسفلى : السائلة ، ومعنى : خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى » ، أي : أفضلها ما وقع بعد القيام بحقوق النفس والعيال ، ومن يستعفف عن سؤال الناس « يعفه الله » ، أي : يرزقه العفة ، ومن يستغن ولا يسأل الناس يغنه الله .
527. Hakim bin Hizam (May Allah be pleased with him) reported: The Prophet (PBUH) said, "The upper hand is better than the lower one; and begin (charity) with those who are under your care; and the best charity is (the one which is given) out of surplus; and he who wishes to abstain from begging will be protected by Allah; and he who seeks self-sufficiency will be made self-sufficient by Allah." [528] وعن أَبي عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب قَالَ : قَالَ رسول الله : « لا تُلْحِفُوا في الْمَسْأَلَةِ ، فَوَاللهِ لا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئاً ، فَتُخْرِجَ لَهُ مَسْأَلَتُهُ مِنِّي شَيْئاً وَأنَا لَهُ كَارهٌ ، فَيُبَارَكَ لَهُ فِيمَا أعْطَيْتُهُ » . رواه مسلم . فيه : النهي عن الإلحاح في السؤال ، وأنه لا يبارك له فيما أُعطي ، وقد قال الله تعالى مادحًا أقوامًا لتعففهم : ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً ﴾ [ البقرة (273) ] .
528. Abu Sufyan (May Allah be pleased with him) reported: Messenger of Allah (PBUH) said, "Do not be importunate in begging. By Allah! If one of you asks me for something and I give it to him unwillingly, there is no blessing in what I give him." [529] وعن أَبي عبدِ الرحمن عوف بن مالِك الأَشْجَعِيِّ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ رسول الله تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً ، فَقَالَ : « ألا تُبَايِعُونَ رسولَ الله » وَكُنَّا حَديثِي عَهْدٍ ببَيْعَةٍ ، فَقُلْنَا : قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رسولَ اللهِ ، ثمَّ قالَ : « ألا تُبَايِعُونَ رسولَ اللهِ » فَبَسَطْنا أيْدينا ، وقلنا : قدْ بايعناكَ يا رسول الله فَعَلامَ نُبَايِعُكَ ؟ قَالَ : « عَلَى أنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ، وَالصَّلَوَاتِ الخَمْسِ وَتُطِيعُوا الله » وأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيفَةً « وَلا تَسْألُوا النَّاسَ شَيْئاً » . فَلَقَدْ رَأيْتُ بَعْضَ أُولئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوطُ أحَدِهِمْ فَمَا يَسأَلُ أحَداً يُنَاوِلُهُ إيّاهُ . رواه مسلم . فيه : الحث على مكارم الأخلاق ، والترفع عن تحمل منن الخلق ، وتعظيم الصبر على مضض الحاجات ، والاستغناء عن الناس ، وعزّة النفس . وفيه : التمسك بالعموم لأنهم نهوا عن سؤال الناس أموالهم ، فحملوه على عمومه . وفيه : التنزه عن جميع ما يسمى سؤالاً وإنْ كان حقيرًا .
529. 'Auf bin Malik Al-Ashja'i (May Allah be pleased with him) reported: Seven, eight or nine people, including myself, were with Messenger of Allah (PBUH) on an occasion when he (PBUH) remarked, "Would you pledge allegiance to Messenger of Allah?" As we had taken oath of allegiance shortly before, we said, "We have already done so, O Messenger of Allah." He again asked, "Would you not pledge allegiance to Messenger of Allah?" So we stretched out our hands and said, "We have already made our pledge with you, O Messenger of Allah, on what should we make a pledge with you?" He said, "To worship Allah and not to associate anything with Him, to perform the five (daily) Salat and to obey." Then he added in a low tone, "And not to ask people for anything." Thereafter, I noticed that some of these people who were present did not ask anyone to pick up even the whip for them if it fell from their hands. [Muslim]. [530] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ قَالَ : « لا تَزَالُ الْمَسْأَلةُ بأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى الله تَعَالَى وَلَيْسَ في وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ » . متفقٌ عَلَيْهِ .« المُزْعَةُ » بضم الميم وإسكان الزايِ وبالعينِ المهملة : القِطْعَةُ . فيه : النهي عن السؤال من غير ضرورة ، وأنه يحشر يوم القيامة ووجهه عظم لا لحم عليه .
530. Ibn 'Umar (May Allah be pleased with them) reported: The Prophet (PBUH) said, "If one of you would keep begging (of people) until he meets Allah (on the Day of Resurrection) his face will be without a shred of flesh." [531] وعنه أنَّ رسول الله قَالَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ ، وَذَكَرَ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ : « اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى ، وَاليَدُ العُلْيَا هِيَ المُنْفِقَةُ ، وَالسُّفْلَى هِيَ السَّائِلَةُ » . متفقٌ عَلَيْهِ . قال الحافظ : وللطبراني بإسناد صحيح عن حكيم بن حزام مرفوعًا : « يد الله فوق يد المعطي ، ويد المعطي فوق يد المعطى ، ويد المعطى أسفل الأيدي » .
531. Ibn 'Umar (May Allah be pleased with them) reported: While Messenger of Allah (PBUH) was on his pulpit (in the mosque) delivering a Khutbah (religious talk) about Sadaqah (charity) and begging, he said, "The upper hand is better than the lower hand, the upper hand is the one which gives and the lower hand is the begging one." [532] وعن أَبي هريرة قَالَ : قَالَ رسول الله : « مَنْ سَألَ النَّاسَ تَكَثُّراً فإنَّمَا يَسْألُ جَمْراً ؛ فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ » . رواه مسلم . فيه : تحريم السؤال من غير حاجة ظاهرة ، وأنه كلما كثر سؤاله كثر عذابه .
532. Abu Hurairah (May Allah be pleased with him) reported: Messenger of Allah (PBUH) said, "He who begs to increase his riches is in fact asking only for a live coal. It is up to him to decrease it or increase it." [533] وعن سَمُرَةَ بنِ جُنْدبٍ قَالَ : قَالَ رسول الله : « إنَّ المَسْأَلَةَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ ، إلا أنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلْطاناً أَوْ في أمْرٍ لا بُدَّ مِنْهُ » . رواه الترمذي ، وقال : ( حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ ) .« الكد » : الْخَدْشُ وَنَحْوُهُ . فيه : قبح السؤال ، ورخص في سؤال السلطان ، لأن للسائل في بيت المال حق وكذلك السؤال للضرورة .
533. Samurah bin Jundub (May Allah be pleased with him) reported: Messenger of Allah (PBUH) said, "Begging is a cut that a person inflicts upon his face; except for asking a ruler, or under the stress of circumstances from which there is no escape." [534] وعن ابن مسعود قَالَ : قَالَ رسول الله : « مَنْ أصَابَتْهُ فَاقَةٌ فَأنْزَلَهَا بالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ ، وَمَنْ أنْزَلَهَا باللهِ ، فَيُوشِكُ اللهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ » . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : ( حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح غريب ) .« يُوشِكُ » بكسر الشين : أيْ يُسْرعُ . قال وَهْبُ بْن مُنَبِّهٍ لرجل يأتي الملوك : ويحك ، تأتي من يغلق عنك بابه ، وتدع من يفتح لك بابه .
534. Ibn Mas'ud (May Allah be pleased with him) reported: Messenger of Allah (PBUH) said, "He who suffers poverty and seeks relief from people, he will not be relieved; but he who seeks relief from Allah Alone, he will be relieved sooner or later." [535] وعن ثوبان قَالَ : قَالَ رسول الله : « مَنْ تَكَفَّلَ لِي أنْ لا يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئاً ، وَأتَكَفَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ ؟ » فقلتُ : أنَا ، فَكَانَ لا يَسْأَلُ أحَداً شَيْئاً . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
535. Thauban (May Allah be pleased with him) reported: Messenger of Allah (PBUH) said, "He who guarantees me that he will not beg anything from anyone, I will guarantee him (to enter) Jannah." I said, "I give you the guarantee." Then Thauban (May Allah be pleased with him) never begged anything from anyone. [536] وعن أَبي بِشْرٍ قَبيصَةَ بنِ المُخَارِقِ قَالَ : تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأتَيْتُ رسولَ الله أسْأَلُهُ فِيهَا ، فَقَالَ : « أقِمْ حَتَّى تَأتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأمُرَ لَكَ بِهَا » ثُمَّ قَالَ : « يَا قَبيصةُ ، إنَّ المَسْأَلَةَ لا تَحِلُّ إلا لأَحَدِ ثلاثَةٍ : رَجُلٌ تحمَّلَ حَمَالَةً ، فَحَلَّتْ لَهُ المَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَها ، ثُمَّ يُمْسِكُ ، وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قواماً مِنْ عَيش - أَوْ قَالَ : سِدَاداً مِنْ عَيْشٍ - وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ فَاقَةٌ ، حَتَّى يَقُولَ ثَلاَثَةٌ مِنْ ذَوِي الحِجَى مِنْ قَوْمِه : لَقَدْ أصَابَتْ فُلاناً فَاقَةٌ . فَحلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يصيب قواماً من عيش ، أَوْ قَالَ : سداداً من عيشِ ، فما سِوَاهُنَّ مِنَ المسألَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتٌ ، يَأكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتاً » . رواه مسلم .« الحَمَالَةُ » بفتح الحاءِ : أنْ يَقَعَ قِتَالٌ وَنَحْوُهُ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ ، فَيُصْلِحُ إنْسَانٌ بَيْنَهُمْ عَلَى مَالٍ يَتَحَمَّلُهُ وَيَلْتَزِمُهُ عَلَى نَفْسِهِ . وَ« الجَائحةُ » الآفَةُ تُصيبُ مَالَ الإنْسَانِ . وَ« القَوَامُ » بكسر القاف وفتحهَا : هُوَ مَا يَقُومُ بِهِ أمْرُ الإنسَان مِنْ مَال ونحوِهِ . وَ« السِّدَادُ » بكسر السين : مَا يَسُدُّ حَاجَةَ الْمَعْوِزِ وَيَكْفِيهِ ، وَ« الفَاقَةُ » : الفَقْرُ . وَ« الحِجَى » : العَقْلُ . في هذا الحديث : تحريم السؤال إلا في غُرْم ، أو جائحة ، أو فاقة .
536. Qabisah bin Al-Mukhariq (May Allah be pleased with him) reported: I stood as surety for a debt and came to Messenger of Allah (PBUH) to seek his help in discharging it. Messenger of Allah (PBUH) said, "Wait till we receive charity and I shall give you out of it." He (PBUH) added, "O Qabisah, begging is not lawful except for three people. One who has incurred debt (for assuming guarantee), for him begging is permissible till the guarantee is discharged and he should then refrain; a person whose property has been destroyed by a calamity is allowed to beg till he attains self-sufficiency; a person who meets with dire necessity (due to hunger) provided that three men of understanding from his people affirm the genuineness (of his poverty), for him begging is lawful till he attains means of his subsistence. Other than these, O Qabisah, anything received through begging is unlawful, its recipient devours it unlawfully." [537] وعن أَبي هريرة t أنَّ رسول الله قَالَ : « لَيْسَ المسكينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ ، وَلكِنَّ المِسكينَ الَّذِي لا يَجِدُ غِنىً يُغْنِيهِ ، وَلا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ ، وَلا يَقُومُ فَيَسْألَ النَّاسَ » . متفقٌ عَلَيْهِ . أي : ليس المسكين الكامل المسكنة الممدوح هذا الطوَّاف ، ولك المسكين المتعفف الذي لا يجد غني يغنيه عن المسألة ، ولا يُفطن له ، لكتم حاله ، فيتصدق عليه ، ولا يقوم فيسأل الناس ، ولا يستطيع ضربًا في الأرض ، ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً ﴾ .
537. Abu Hurairah (May Allah be pleased with him) reported: Messenger of Allah (PBUH) said, "A needy person is not the one who goes from door to door, begging and is turned away with a morsel or two or with a date or two. But a needy person is the one who does not have enough to live upon, and neither from his appearance it occurs that he is needy and should be given alms, nor does he himself beg anything from others." |
||||||